Mount Washington Hotel |
مع نهاية الحرب العالمية الثانية, و بالضبط خلال شهر يوليوز من سنة 1944, اجتمعت شخصيات من 44 دولة في فندق مونت ببريتون وودز, برعاية أمريكا و بريطانيا, من أجل تأسيس أهم مؤسستين ماليتين في العالم : صندوق النقد الدولي و البنك الدولي للإنشاء و التعمير.
سنكتفي في هذا المقال بالحديث عن صندوق النقد الدولي بصفة عامة دون الخوض كثيرا في الشق التقني و المالي للصندوق كالوضعية المالية للدول اتجاه الصندوق و كيف تدفع الدول حصصها و كيف يتم تمويل الصندوق و مختلف العمليات المالية و البرامج التمويلية و الإقراضية للصندوق؛ على أن نخصص مقالات أخرى منفصلة للحديث عن البنك الدولي للإنشاء و التعمير و تطور النظام النقدي الدولي.
مؤتمر بريتون وودز
تأسس صندوق النقد الدولي مع نهاية الحرب العالمية الثانية بواسطة أمريكا و بريطانيا, وهو وكالة مستقلة تابعة لمنظمة الأمم المتحدة؛ فهو في الحقيقة, تأسس قبل المصادقة النهائية على ميثاق الأمم المتحدة سنة 1945.
قام الاقتصادي و ومدير الخزينة الأمريكية هاري ديكستر وايت بتمثيل الوفد الأمريكي في مفاوضات بريتون وودز, بينما مثل جون مينارد كينز الوفد البريطاني؛ كما شاركت في مؤتمر بريتون وودز دول أخرى إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية و المملكة المتحدة, ك أستراليا البرازيل كندا الصين مصر فرنسا إيران العراق المكسيك هولندا جنوب أفريقيا و الاتحاد السوفياتي.
و كان أهم هدف من مؤتمر بريتون وودز هو , خلق نظام نقدي دولي جديد يعوض نظام معيار الذهب الذي ساد لقرون عدة.
يمكن اعتبار صندوق النقد الدولي كتعاونية دولية تنضوي تحت لوائها 190 دولة, و تهدف بالأساس إلى وضع نظام نقدي دولي يسمح باستقرار معدلات صرف عملات الدول الأعضاء و قابلية تحويلها و تشجيع التعاون النقدي فيما بينها, و تجنب التخفيض التنافسي للعملات عبر السماح بتنظيم سوق الصرف الدولي بفاعلية, إضافة إلى تحفيز النمو الاقتصادي, خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية, و تشجيع التجارة الدولية عبر إلغاء القيود على معاملات الفوركس و تمويل عجز ميزان المدفوعات.
و يعتبر مجلس المحافظين أعلى هيئة تقريرية للصندوق, و يمثل الدول الأعضاء كل حسب حصته التصويتية في الصندوق, و الذي يقوم (مجلس المحافظين) بتفويض الصلاحيات إلى مجلس تنفيذي مكون من 24 عضوا لاتخاذ مختلف القرارات اليومية إضافة إلى تعيين مدير عام و نواب له و تشكيل لجان خاصة مختلفة. فالهيكلة التنظيمية و الإدارية لصندوق النقد و البنك الدوليين تشبه هيكلة أي شركة خاصة على العموم كما هو الحال بالنسبة لمؤسسات دولية كثيرة أخرى.
للصندوق تمثيليات في مختلف بقاع العالم تقوم بمتابعة وتحليل السياسات الاقتصادية و المالية المكرو اقتصادية للدول, إضافة إلى تقديم المشورة الفنية و دراسة و إيجاد الحلول المناسبة لأي طلب اقتراض قد تقوم به الدول التي تعاني من مشاكل في ميزان المدفوعات.
و تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مساهم في رأس مال و حصص الصندوق بحوالي %17, متبوعة باليابان الصين ألمانيا فرنسا و المملكة المتحدة ؛ و هو ما يخول لأمريكا التمتع بأكبر قوة تصويتية, وبالتالي التأثير على معظم قرارات الصندوق, علما بأن أمريكا هي الدولة الوحيدة في العالم التي تتمتع "بحق الفيتو" داخل صندوق النقد, لكون القرارات المهمة و المفصلية للصندوق لا تمر إلا بأزيد من %85 من أصوات الأعضاء.
يتوفر الصندوق على "عملة دولية" خاصة به تدعى حقوق السحب الخاصة و التي يمكن استخدامها بين الدول الأعضاء للصندوق و كانت قد حددت قيمتها في 0.88 غرام من الذهب الخالص للوحدة.
يتعرض صندوق النقد و البنك الدوليين لانتقادات مستمرة من طرف حكومات بعض الدول, و حتى من طرف بعض كبار علماء الاقتصاد كالعالم جوزيف ستيغليز, الذي عمل و اطلع على كواليس و خبايا المؤسسات المالية الدولية خاصة البنك الدولي.
فالبعض يعتبر أن هاتين المؤسستين أداة في يد القوى الكبرى خاصة أمريكا صاحبة حق الفيتو, تهدف عبرهما إلى تحقيق مصالح و منافع خاصة للشركات العالمية التابعة لتلك الدول, من خلال "فرض" إجراءات اقتصادية و مالية ضارة بالدول المقترضة قد تؤدي إلى عواقب اقتصادية وخيمة على الدول النامية كتحرير الاقتصاد الخوصصة التجارة الحرة واتباع سياسات تقشفية كتقليص نفقات الدولة و عدد الموظفين.
اتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي
هذه خلاصة لأهم ما جاء في اتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي؛ فحسب الصندوق هدف الاتفاقية هو جعل حقوق السحب الخاصة هي الأصل الاحتياطي الرئيسي في النظام النقدي الدولي :
- تتجنب الدول الأعضاء التنافس في تخفيض قيم العملات
- إلغاء قيود الصرف الأجنبي
- يلزم الحصول على أغلبية %85 لإجراء أي تعديل في حصص العضوية
- يقبل الصندوق أذونا من البلد بدون فوائد
- على البلد أن يبلغ الصندوق بترتيبات ونظام الصرف
- استثناء ربط عملة بلد بالذهب
- تزويد بلد عضو بحقوق سحب أو عملات البلدان الأعضاء من الموارد الموجودة في حساب الموارد العامة مقابل عملة البلد العضو الراغب في الشراء
- يمكن بيع و شراء حقوق السحب الخاصة بين الدول الأعضاء
- إعادة شراء عملة البلد العضو من طرف العضو مع تحسن وضع ميزان المدفوعات
- يجوز للصندوق بيع الذهب مقابل عملة أي عضو
- يجوز للصندوق قبول مدفوعات من أي بلد عضو بالذهب
- مجموع الأصوات يساوي الأصوات الأساسية زائد أصوات حصص العضوية (صوت لكل 100 ألف وحدة سحب حقوق خاصة)
- قرارات الصندوق تأخذ بأغلبية الأصوات المدلى بها
- توزيع صافي الدخل على جميع البلدان الأعضاء بالتناسب مع حصص عضويتها
- جهة الإيداع لجميع حيازات الصندوق هي البنوك المركزية
- إدارة العمليات العامة و حقوق السحب الخاصة
- يدفع الصندوق فائدة لكل جهة حائزة على حقوق السحب الخاصة
- جعل حقوق السحب الخاصة الأصل الاحتياطي الرئيسي في النظام النقدي الدولي
- حصانة قضائية عامة لأموال و أعضاء الصندوق
- عدم الدخول في أي معاملات مخالفة لأهداف الصندوق مع أي بلد غير عضو
- يعين 5 أعضاء في المجلس التنفيذي من الدول صاحبة أكبر الحصص و 15 من البلدان الأخرى بالانتخاب (أصبحت 8 مقابل 16)
- يجوز لأي بلد أن ينسحب من الصندوق
- تعديل الاتفاقية يحتاج قبول 3 من 5 من البلدان الأعضاء الحائزة على %85 من القوة التصويتية؛ بعض التعديلات تتطلب موافقة %100.
- تجنب فرض قيود على المدفوعات الجارية, تجنب الممارسات النقدية التمييزية, قابلية تحويل الأرصدة لدى الآخرين, التزام الأعضاء بتقديم المعلومات الضرورية إلخ
تعليقات
إرسال تعليق