سنتطرق في هذا المقال إلى بعض أهم ميكانيزمات عمل بورصات الأوراق المالية للأسهم و السندات.
الفاعلين الرئيسيين في البورصة
لا يمكن لسوق البورصة أن يعمل بشكل سليم و منظم بدون وجود لاعبين أساسيين في السوق.
هيئة سوق رؤوس الأموال
مؤسسة عمومية تتدخل في سوق الرساميل باستمرار؛ من بين أهم مهامها: الحفاظ على ادخار المستثمرين، تقديم المعلومات الضرورية للمتدخلين، السهر على حسن سير سوق الرساميل طبقا للقوانين و التشريعات التنظيمية للبلد، تقنين عمليات سوق البورصة، مراقبة مختلف الأنشطة الجارية في البورصة، تنظيم سوق الرساميل، الموافقة على اعتماد شركات البورصة و المنتجات الجديدة، التأشيرة على و مراقبة المعلومات المالية المقدمة من طرف المصدرين للأوراق المالية، معالجة شكاوى المستثمرين و المتدخلين.
الشركة المسيرة للبورصة
الشركة المسيرة للبورصة، شركة قد تكون عمومية أو خاصة؛ في بعض البلدان، الشركة غالبا ما تكون مملوكة من طرف شركات البورصة للسمسرة و الوساطة؛ من بين أهدافها:
- السهر على عمل سوق البورصة بكل سلاسة و نظام
- الإعلان على إدراج الأوراق المالية في سوق البورصة
- ضمان الأوراق المالية المدرجة (العمليات المسومة في السوق المركزي) عبر طلب هامش مالي في حسابات شركات البورصة
- لعب دور المقاصة
- مراقبة العمليات التي تقوم بها شركات البورصة للسمسرة و مدى احترامها للقوانين و التشريعات الجاري بها العمل
مؤسسات استقطاب الأوامر و إيداع الأموال
شبكة من المؤسسات المالية و البنكية، تقوم بمسك الحسابات، و تجميع أوامر البورصة الخاصة بالزبائن، و تحويلها إلى شركات البورصة من أجل تنفيذها. كما تلعب دور الوديع عبر فتح حسابات أوراق مالية لزبنائها و حراستها، و معالجة العمليات كشراء و تسليم الأسهم و السندات؛ و غالبا ما تستحوذ هذه الشبكة على السوق الاولية كنقابة التوظيف، التي تمر الإصدارات الجديدة عبرها حصرا.
شركات البورصة (البروكرز)
لا يجب الخلط بين الشركة المسيرة لسوق البورصة و شركات البورصة، حيث أن شركات البورصة هم الوسطاء أو السماسرة أو "البروكرز" في سوق البورصة؛ ومن أهم مهامهم:
- تنفيذ عمليات البيع و الشراء على الأوراق المالية في سوق البورصة
- تجميع أوامر البيع و الشراء من أجل تنفيذها
- المشاركة في توظيف الأوراق المالية
- الاحتفاظ بالاوراق المالية
- تدبير المحافظ المالية
- تنشيط سوق الأوراق المالية
- تقديم النصائح و شرح الإجراءات للزبائن للإستثمار في سوق البورصة
يمكن لشركات البورصة، أن تكون هي الطرف المقابل لعمليات الزبون، أي يمكنها البيع إلى و الشراء من الزبون، إضافة إلى دور الوساطة. و غالبا ما تكون شركات البورصة الكبيرة تابعة للمؤسسات البنكية و المالية المعروفة.
الشركات المدرجة في البورصة
الشركات المدرجة في البورصة هي الشركات التي يتم التداول على أسهمها في سوق البورصة، وهي أهم لاعب في البورصة لأنه بدون وجودها في سوق تداولات البورصة، تصبح البورصة بدون أي معنى.
مؤسسة الوديع المركزي
تلعب شركة الإيداع أو الوديع المركزي دورا مهما في سوق الأوراق المالية، فمن بين مهامها:ضمان الحفاظ على الأوراق المالية و إدارة حسابات القيم المنقولة المفتوحة عندها؛ و هي عموما حسابات شركات البورصة و المؤسسات المالية و مصدري الأوراق المالية؛ كما تقوم بتحويلات الأموال بين حسابات الزبناء عبر البنك المركزي. و أحد أهم أهداف هذه المؤسسة هو، تحييد استعمال الأوراق المالية الورقية أو الكرتونية، و الاكتفاء بأوراق مالية إلكترونية إلا في بعض الحالات الاستثنائية، كطلب زبون مهم مثلا الحصول على أوراق حقيقية.
هيئات تسيير المحافظ المالية
مؤسسات و هيئات مختلفة، قد تختلف من بلد إلى آخر؛ وهي في العموم، صناديق الاستثمار و هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة.
تهدف هذه المؤسسات إلى تمكين المكتتبين و المستثمرين في سوق البورصة من الاستثمار في محفظة من الأوراق المالية بشكل غير مباشر عبر الاكتتاب و الاستثمار في حصص هذه المؤسسات، التي بدورها تستثمر المال المجمع في محافظ استثمارية متنوعة، و تسييرها بشكل احترافي..فيكفي أن يشتري المستثمر أوراق هذه المؤسسات ليصبح مستثمرا في عدد كبير من الشركات في نفس الوقت، دون الحاجة إلى أن يستثمر في كل شركة على حدة..وتخضع مثل هذه المؤسسات و الهيئات المتخصصة في تسيير و توزيع مخاطر محافظ الأوراق المالية، إلى قوانين صارمة فيما يخص الشكل القانوني، رأس المال المطلوب، نسبة مصاريف التسيير، الشركة المسيرة، و نوع المحفظة (أسهم، سندات، مال...)، إلزامية إعادة شراء الحصص، إلخ.
المكتتبون المستثمرون و المتداولون
المكتتب و المستثمر و المتداول، هو كل شخص مادي أو معنوي يشتري و يبيع الأوراق المالية في سوق البورصة كالأسهم و السندات.
المكتتب هو من يستثمر في الأوراق المالية عند إصدارها في السوق الأولية، و المستثمر هو من يوظف أمواله في الأوراق المالية على المدى البعيد، أما المتداول فيطلق على من يبيع و يشتري الأوراق المالية على المدى القصير عموما، و يطلق عليه صفة المضارب عند التداول على المدى القصير جدا (المتداول قد يكون مستثمرا أو مضاربا أو هما معا في نفس الوقت، بل توجد تقسيمات كثيرة لأنواع المستثمرين، فالمستثمر حسب التصنيف الزمني، قد يكون طويل الأجل متوسط الأجل أو قصير الأجل على العموم).
أسواق البورصة
توجد تقسيمات و فروع للتسجيل و التداول على الأوراق المالية في سوق البورصة، فسهم شركة مثلا، يمكن إدراجه و تداوله في السوق الرئيسي، السوق الثاني أو البديل، أو حتى خارج البورصة. و كما نكرر دائما، حسب القوانين المنظمة لسوق البورصة، توجد بعض التقسيمات المختلفة لأسواق الأوراق المالية حسب كل بلد؛ ففي بعض الدول، يعتبر السوق الرئيسي أقل شأنا من السوق الأول كحالة الكويت مثلا، بينما في دول أخرى، السوق الرئيسي هو السوق الأول و السوق الثاني هو السوق البديل"سوق النمو" كحالة المغرب و السعودية.
السوق الرئيسية
السوق الرئيسية هو السوق النظامي الأساسي و المركزي، و هو أهم سوق لتسجيل و تسعير الأوراق المالية كالأسهم، و هو مخصص للشركات الكبرى التي تتوفر فيها شروط قانونية و تقنية معينة، كسنوات أقدمية الشركة، حجم رأس المال، النتائج المحاسبية، الشكل القانوني. و قد ينقسم السوق الرئيسي نفسه إلى أقسام أخرى في بعض البلدان، كالسوق الدفع الآني نقدا بدون رافعة مالية، و سوق الدفع الآجل بالرافعة المالية. كما يمكن تقسيم السوق الرئيسية بناءا على نوع الأوراق المالية المتداولة، كقسم تداول الأسهم، تداول سندات الديون و تداول هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة.
السوق البديل (سوق النمو)
هدف السوق الثاني، السوق البديل، السوق الموازي، السوق خارج المقصورة في بعض الدول، هو السماح للمقاولات الصغرى و المتوسطة، التي لا تتوفر فيها شروط القبول في السوق الرئيسية، الولوج إلى سوق الأوراق المالية من أجل تمويل عمليات نمو أنشطتها. وهو سوق مختلف عن السوق الرئيسية، حيث تخضع الشركات المسجلة فيه إلى شروط أخف من شروط السوق الرئيسية (يمكن تشبيهه بقسم الدرجة الثانية لكرة القدم).
سوق خارج المقصورة
سوق مخصص للمقاولات الغير مقبولة في السوقيين الرئيسية و الثانية، غير خاضع لقوانين صارمة كحالة الأسواق الأخرى، تتم فيه العمليات بالتراضي، بخلاف التسعير المركزي للسوق الرئيسية، و قد لا يوجد إلا في بعض الدول.
دور البورصة في الاقتصاد
تلعب أسوق الأوراق المالية أدوارا مهمة في تمويل الاقتصاد الوطني، خاصة في ظل النظام الرأسمالي؛ فطبيعة تمويلات السوق المالية تختلف عن تمويلات النظام البنكي، حيث أن الأسواق المالية تستطيع تمويل الاقتصاد دون التسبب في ارتفاع معدلات التضخم، وذلك عبر السماح بتوظيف الادخار الوطني و توجيهه نحو الاستثمار من خلال الاكتتاب في السوق الأولية، عكس القطاع البنكي الذي يعتمد بشكل كبير على تمويلات البنك المركزي، التي يمكن أن تتسبب في التضخم.
السوق الأولية
كما سبقت الإشارة إليه سابقا، السوق الأولية لسوق الأوراق المالية هو السوق الحقيقي و الافتراضي الذي يتم من خلاله إصدار أوراق مالية جديدة و لأول مرة، من طرف الدولة و الشركات، وهو سوق لا مركزي، أي أن العمليات المالية تتم عبر وسطاء معتمدين كثر خاصة فروع الأبناك المتخصصة في أسواق الأوراق المالية ونقابات التوظيف، و ذلك من أجل الإصدار و الاكتتاب في الأوراق المالية الجديدة من طرف المكتتبين خصوصا المستثمرين الكبار المهيكلين كصناديق الاستثمار و التقاعد و شركات التأمين.
السوق الثانوية
هي سوق البورصة الحقيقية، و التي تسمح بتبادل و تداول الأوراق المالية كالأسهم و السندات التي تم الاكتتاب فيها في السوق الأولية أو سوق الإصدار. ويمكن من خلال السوق الثانوية، القيام بعمليات إعادة بيع الأوراق المالية التي قام المستثمر بشرائها سواء عند الإصدار من السوق الأولية أو بعد الإصدار من السوق الثانوية، وهي العمليات التي تتم حسب أسعار الأوراق المالية في سوق البورصة، التي تحدد حسب قانون العرض و الطلب، و ليس حسب سعر الإصدار أول مرة.
يمكن التبسيط و القول، أن السوق الأولية تشبه سوق السيارات المصنعة الجديدة، بينما السوق الثانوية هي سوق السيارات المستعملة، فأي سيارة مستعملة تباع و تشترى في سوق السيارات المستعملة كانت في الأصل سيارة جديدة عندما تم بيعها لأول مرة؛ الفرق هو أن السيارة المستعملة لن يتم بيعها بسعر أعلى من سعرها الأصلي، إلا في حالات خاصة كالسيارات التاريخية، عكس الأوراق المالية التي يمكن إعادة بيعها بسعر السوق، الذي غالبا ما يكون أعلى من سعر الإصدار، خاصة بالنسبة للشركات الناجحة المدرجة في سوق البورصة منذ مدة زمنية طويلة.
تلعب السوق الثانوية دورا كبيرا في أسواق الرساميل، حيث تمكن المستثمر من إمكانية إعادة بيع أسهمه التي اشتراها في سوق الإصدار أو السوق الثانوية نفسها، و بسعر قد يكون أعلى من سعر الاقتناء، و بالتالي تحقيق عوائد و أرباح على رأس المال الموظف غالبا ما تكون أكبر من عوائد الاستثمار في القطاع البنكي.
يجب الإشارة إلى وجود سوق يسمى بسوق الكتل، يسمح بالتداول و تنفيذ العمليات الكبيرة بين المتدخلين بالتراضي خارج سوق البورصة دون الحاجة إلى اللجوء إلى سوق التسعير المركزي.
الهدف من الإدراج في البورصة
تلجأ المقاولات إلى إدراج أسهمها في سوق البورصة من أجل تحقيق أهداف كثيرة، من أهمها: الحصول على مصادر تمويل جديد و بشروط أفضل من شروط القروض البنكية التي تلزم الشركة بتقديم ضمانات كثيرة، إمكانية الحصول على مبالغ مهمة قد يصعب الحصول عليها من البنك، تحقيق نوع من الإشهار للشركات المدرجة، التمتع بشرعية و مصداقية أكبر، تقييم مردوديات الشركة عبر متابعة مستوى تطور الأسهم، و المساهمة في تطوير طرق ووسائل تدبير الشركة لكون الشركات المدرجة في سوق البورصة ملزمة قانونيا بتقديم معلومات تفصيلية مهمة للمستثمرين، عكس الشركات الغير مدرجة.
سنخصص مقالات إضافية لشرح الخطوات التي يجب اتباعها من أجل إدراج الشركة في سوق الأسهم لأول مرة، كيف تتم عمليات تسعير الأسهم، مختلف أوامر البورصة، و كيف تتم معالجتها من طرف شركات البورصة، إضافة إلى نقاط أخرى كمؤشرات البورصة.
تعليقات
إرسال تعليق